الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
وَمَنْ تَزَوَّجَ فَسَمَّى صَدَاقًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ: فَلَهُ الدُّخُولُ بِهَا أَحَبَّتْ أَمْ كَرِهَتْ وَيُقْضَى لَهَا بِمَا سَمَّى لَهَا أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ، وَلاَ يُمْنَعْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مِنْ الدُّخُولِ بِهَا، لَكِنْ يُقْضَى لَهُ عَاجِلاً بِالدُّخُولِ، وَيُقْضَى لَهَا عَلَيْهِ حَسْبَمَا يُوجَدُ عِنْدَهُ بِالصَّدَاقِ. فَإِنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّ لَهَا شَيْئًا قُضِيَ عَلَيْهِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا، إِلاَّ أَنْ يَتَرَاضَيَا بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَقَلَّ وَهَذَا مَكَانٌ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيهِ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إذَا نَكَحَ الْمَرْأَةَ وَسَمَّى لَهَا صَدَاقًا فَأَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا فَلِيُلْقِ إلَيْهَا رِدَاءَهُ، أَوْ خَاتَمًا إنْ كَانَ مَعَهُ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِيُّ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لاَ يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْمَرْأَةِ زَوْجِهِ حَتَّى يُقَدِّمَ إلَيْهَا شَيْئًا مِنْ مَالِهَا مَا رَضِيَتْ بِهِ مِنْ كِسْوَةٍ أَوْ عَطَاءٍ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ عَطَاءٌ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَمْرٌو هُوَ بْنُ دِينَارٍ لاَ يَمَسَّهَا حَتَّى يُرْسِلَ إلَيْهَا بِصَدَاقٍ أَوْ فَرِيضَةٍ. قَالَ عَطَاءٌ، وَعَمْرٌو: إنْ أَرْسَلَ إلَيْهَا بِكَرَامَةٍ لَهَا لَيْسَتْ مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ إلَى أَهْلِهَا فَحَسْبُهُ هُوَ يُحِلُّهَا لَهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَعْطِهَا وَلَوْ خِمَارًا. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: بَلَغَنَا فِي السُّنَّةِ أَنْ لاَ يَدْخُلَ بِامْرَأَةٍ حَتَّى يُقَدِّمَ نَفَقَةً أَوْ يَكْسُوَ كِسْوَةً، ذَلِكَ مِمَّا عَمِلَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ. وقال مالك: لاَ يَدْخُلْ عَلَيْهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا مَهْرَهَا الْحَالَّ، فَإِنْ وَهَبَتْهُ لَهُ أُجْبِرَ عَلَى أَنْ يَفْرِضَ لَهَا شَيْئًا آخَرَ، وَلاَ بُدَّ. وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى إبَاحَةِ دُخُولِهِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ فَارِسٍ الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ هُوَ أَبُو الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَ رَجُلاً امْرَأَةً بِرِضَاهُمَا فَدَخَلَ بِهَا الرَّجُلُ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ، وَكَانَ مَنْ شَهِدَهَا لَهُ سَهْمٌ بِخَيْبَرَ، فَحَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَنِي فُلاَنَةَ وَلَمْ أَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، وَلَمْ أُعْطِهَا شَيْئًا، وَلَكِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَعْطَيْتُهَا مِنْ صَدَاقِهَا سَهْمِي بِخَيْبَرَ، قَالَ: فَأَخَذَتْهُ فَبَاعَتْهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ وَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ، قَالَ سَعِيدٌ: وَأَيُّ ذَلِكَ فَعَلَ فَلاَ بَأْسَ بِهِ يَعْنِي دُخُولَ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ الَّتِي تَزَوَّجَ وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ مَنْصُورٌ: عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ؛ وَقَالَ يُونُسُ: عَنْ الْحَسَنِ، ثُمَّ اتَّفَقَا جَمِيعًا عَلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَنْ يَدْخُلَ الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَيُسَمِّي لَهَا صَدَاقًا هَلْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ثنا حَجَّاجٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ أَنَّ كُرَيْبَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ وَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ صَدَاقِهَا شَيْئًا وَبِهَذَا يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُهُمْ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: كَانُوا يَسْتَحْسِنُونَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ بِهَا حَتَّى يُقَدِّمَ لَهَا شَيْئًا. وَقَالَ اللَّيْثُ: إنْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُقَدِّمَ لَهَا شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا. وقال أبو حنيفة: إنْ كَانَ مَهْرُهَا مُؤَجَّلاً فَلَهُ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا أَحَبَّتْ أَمْ كَرِهَتْ حَلَّ الأَجَلُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ فَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ نَقْدًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهُ إلَيْهَا، فَلَوْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْهُ حَتَّى يُوَفِّيَهَا جَمِيعَ صَدَاقِهَا. قال أبو محمد: أَمَّا تَقْسِيمُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، فَدَعْوَى بِلاَ برهان: لاَ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَمَنِ سُنَّةٍ، وَلاَ قِيَاسٍ، وَلاَ قَوْلِ مُتَقَدِّمٍ، وَلاَ رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ قَوْلُ مَنْ أَبَاحَ دُخُولَهُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا أَوْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ. فَنَظَرْنَا فِي حُجَّةِ مَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثٍ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَلِيًّا أَنْ يَدْخُلَ بِفَاطِمَةَ رضي الله عنهما حَتَّى يُعْطِيَهَا شَيْئًا. قال أبو محمد: وَهَذَا خَبَرٌ لاَ يَصِحُّ، لأََنَّهُ إنَّمَا جَاءَ مِنْ طَرِيقٍ مُرْسَلَةٍ، أَوْ فِيهَا مَجْهُولٌ، أَوْ ضَعِيفٌ. وَقَدْ تَقَصَّيْنَا طُرُقَهَا وَعِلَلَهَا فِي " كِتَابِ الْإِيصَالِ " إِلاَّ أَنَّ صِفَتَهَا كُلَّهَا مَا ذَكَرْنَا هَاهُنَا، لاَ يَصِحُّ شَيْءٌ إِلاَّ خَبَرٌ: مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: تَزَوَّجْتُ فَاطِمَةَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنِ لِي فَقَالَ: أَعْطِهَا شَيْئًا: فَقُلْتُ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، قَالَ: فَأَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ قُلْتُ: هُوَ عِنْدِي، قَالَ: فَأَعْطِهَا إيَّاهُ. قال أبو محمد: إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ صَدَاقُهَا، لاَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الدُّخُولُ إِلاَّ حَتَّى يُعْطِيَهَا شَيْئًا، وَقَدْ جَاءَ هَذَا مُبَيَّنًا: كَمَا، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ :، حَدَّثَنَا أَبِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ الأَسْلَمِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْتَ قِدَمِي فِي الإِسْلاَمِ وَمُنَاصَحَتِي وَإِنِّي وَإِنِّي قَالَ: وَمَا ذَاكَ يَا عَلِيٌّ قَالَ: تُزَوِّجُنِي فَاطِمَةَ قَالَ: مَا عِنْدَكَ قُلْتُ: عِنْدِي فَرَسِي وَدِرْعِي، قَالَ: أَمَّا فَرَسُكَ فَلاَ بُدَّ لَكَ مِنْهَا، وَأَمَّا دِرْعُكَ فَبِعْهَا، قَالَ: فَبِعْتُهَا بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَوَضَعْتُهَا فِي حِجْرِهِ، ثُمَّ قَبَضَ مِنْهَا قَبْضَةً وَقَالَ: يَا بِلاَلُ أَبْغِنَا بِهَا طِيبًا وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ فَهَذَا بَيَانٌ أَنَّ الدِّرْعَ إنَّمَا ذُكِرَتْ فِي الصَّدَاقِ لاَ مِنْ أَجْلِ الدُّخُولِ، لأََنَّهَا قِصَّةٌ وَاحِدَةٌ بِلاَ شَكٍّ. قال أبو محمد: وَقَدْ جَاءَ فِي هَذَا أَثَرٌ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ نَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَجُلاً تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَجَهَّزَهَا إلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ شَيْئًا. قَالَ عَلِيٌّ: خَيْثَمَةُ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَصَحِبَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنهم، قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّهُ مِنْ حِينِ يُعْقَدُ الزَّوَاجُ فَإِنَّهَا زَوْجَةٌ لَهُ " فَهُوَ حَلاَلٌ لَهَا وَهِيَ حَلاَلٌ لَهُ، فَمَنْ مَنَعَهَا مِنْهُ حَتَّى يُعْطِيَهَا الصَّدَاقَ أَوْ غَيْرَهُ فَقَدْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ بِلاَ نَصٍّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَلاَ مِنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّ الْحَقَّ مَا قلنا أَنْ لاَ يُمْنَعَ حَقَّهُ مِنْهَا، وَلاَ تُمْنَعَ هِيَ حَقَّهَا مِنْ صَدَاقِهَا، لَكِنْ يُطْلَقُ عَلَى الدُّخُولِ عَلَيْهَا أَحَبَّتْ أَمْ كَرِهَتْ وَيُؤْخَذُ مِمَّا يُوجَدُ لَهُ صَدَاقُهَا أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ. وَصَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصْوِيبُ قَوْلِ الْقَائِلِ أَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَكُلُّ نِكَاحٍ عُقِدَ عَلَى صَدَاقٍ فَاسِدٍ، أَوْ عَلَى شَرْطٍ فَاسِدٍ، مِثْلُ أَنْ يُؤَجَّلَ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى أَوْ غَيْرِ مُسَمًّى، أَوْ بَعْضُهُ إلَى أَجَلٍ كَذَلِكَ، أَوْ عَلَى خَمْرٍ، أَوْ عَلَى خِنْزِيرٍ، أَوْ عَلَى مَا يَحِلُّ مِلْكُهُ، أَوْ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، أَوْ عَلَى أَنْ لاَ يَنْكِحَ عَلَيْهَا، أَوْ أَنْ لاَ يَتَسَرَّى عَلَيْهَا، أَوْ أَنْ لاَ يُرَحِّلَهَا عَنْ بَلَدِهَا، أَوْ عَنْ دَارِهَا، أَوْ أَنْ لاَ يَغِيبَ مُدَّةً أَكْثَرَ مِنْ كَذَا، أَوْ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ أُمَّ وَلَدِهِ فُلاَنَةَ، أَوْ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهَا، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَهُوَ نِكَاحٌ فَاسِدٌ مَفْسُوخٌ أَبَدًا وَإِنْ وَلَدَتْ لَهُ الأَوْلاَدَ، وَلاَ يَتَوَارَثَانِ، وَلاَ يَجِبُ فِيهِ نَفَقَةٌ، وَلاَ صَدَاقٌ، وَلاَ عِدَّةٌ. وَهَكَذَا كُلُّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، حَاشَا الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا جَاهِلَةً فَوَطِئَهَا، فَإِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَلَهَا الَّذِي سُمِّيَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا فَلاَ شَيْءَ لَهَا. فَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ الْفَاسِدُ، وَالشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ إنَّمَا تَعَاقَدَاهَا بَعْدَ صِحَّةِ عَقْدِ النِّكَاحِ خَالِيًا مِنْ كُلِّ ذَلِكَ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ تَامٌّ، وَيُفْسَخُ الصَّدَاقُ، وَيُقْضَى لَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا، إِلاَّ أَنْ يَتَرَاضَيَا بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَتَبْطُلُ الشُّرُوطُ كُلُّهَا. برهان ذَلِكَ: قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَهَذِهِ كُلُّهَا شُرُوطٌ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهِيَ بَاطِلَةٌ. وَكَذَلِكَ تَأْجِيلُ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ، لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا بِأَسَانِيدِهِمَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ بِنَصِّ كَلاَمِهِ عليه الصلاة والسلام وَبِضَرُورَةِ الْعَقْلِ، يَدْرِي كُلُّ ذِي عَقْلٍ أَنَّ كُلَّ مَا عُقِدَتْ صِحَّتُهُ بِصِحَّةِ مَا لاَ يَصِحُّ، فَإِنَّهُ لاَ يَصِحُّ، فَكُلُّ نِكَاحٍ عُقِدَ عَلَى أَنْ لاَ صِحَّةَ لَهُ إِلاَّ بِصِحَّةِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فَلاَ صِحَّةَ لَهُ فَإِذْ لاَ صِحَّةَ لَهُ فَلَيْسَتْ زَوْجَةً، وَإِذْ لَيْسَتْ زَوْجَةً: فَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَعَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا، وَلاَ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ لأََنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام قَالَ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ فَلَيْسَ إِلاَّ فِرَاشٌ أَوْ عِهْرٌ، فَإِذْ لَيْسَتْ فِرَاشًا فَهُوَ عِهْرٌ، وَالْعِهْرُ لاَ يُلْحَقُ فِيهِ وَلَدٌ، وَالْحَدُّ فِيهِ وَاجِبٌ. فَإِنْ كَانَ جَاهِلاً فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ وَالْوَلَدُ لاَحِقٌ بِهِ، لأََنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بِالْحَقِّ، وَلَمْ تَزَلْ النَّاسُ يُسْلِمُونَ وَفِي نِكَاحِهِمْ الصَّحِيحُ وَالْفَاسِدُ، كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، وَنِكَاحِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، وَامْرَأَةِ الأَبِ، فَفَسَخَ عليه الصلاة والسلام كُلَّ ذَلِكَ وَأُلْحِقَ فِيهِ الأَوْلاَدُ، فَالْوَلَدُ لاَحِقٌ بِالْجَاهِلِ لِمَا ذَكَرْنَا. وَأَمَّا اسْتِثْنَاؤُنَا الَّتِي نُكِحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَلِلْخَبَرِ الثَّابِتِ الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلُ بِإِسْنَادِهِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ إلَى قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فَالْمَهْرُ لَهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا وَصَحَّ أَيْضًا فَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا. فَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام فَالْمَهْرُ لَهَا تَعْرِيفٌ بِالأَلِفِ وَاللَّامِ. وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام فَلَهَا مَهْرُهَا إضَافَةُ الْمَهْرِ إلَيْهَا، فَهَذَانِ اللَّفْظَانِ يُوجِبَانِ لَهَا الْمَهْرَ الْمَعْهُودَ الْمُسَمَّى وَمَهْرًا يَكُونُ لَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ مَهْرٌ مُسَمًّى وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِهَذَا لِكُلِّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، لأََنَّهُ قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ. وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ فَصَحَّ يَقِينًا: أَنَّ مَالَهُ حَرَامٌ عَلَيْهَا إِلاَّ بِنَصِّ قُرْآنٍ، أَوْ سُنَّةٍ، وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا. وَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ فِي الْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ مَهْرًا لَبَيَّنَهُ فِي كِتَابِهِ، أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الَّتِي نُكِحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا، وَلَمَا اقْتَصَرَ عَلَى هَذِهِ وَحْدِهَا دُونَ غَيْرِهَا تَلَبُّسًا عَلَى عِبَادِهِ، وَحَاشَا لِلَّهِ مِنْ هَذَا. فَإِنْ قَالُوا: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ تَعَالَى: قلنا: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَقٌّ، وَإِنْتَاجُكُمْ مِنْهُ عَيْنُ الْبَاطِلِ؛ لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ أَنْ يُعْتَدَى عَلَى الْمُعْتَدِي، وَيُقَصَّ مِنْهُ حُرْمَتُهُ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْهِ فِي حُرْمَتِهِ، وَلَيْسَ الْمَالُ مِثْلاً لِلْفَرْجِ، إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ نَصٌّ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ وَلَوْ كَانَ هَذَا لَوَجَبَ عَلَى مَنْ ضَرَبَ آخَرَ أَوْ شَتَمَهُ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ مَالِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَأَنْ يُعْتَدَىَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، وَلَوَجَبَ أَيْضًا عَلَى مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ أَوْ لاَطَ بِغُلاَمٍ مَهْرُ مِثْلِهَا أَوْ غَرَامَةٌ مَا، وَهَذِهِ أَحْكَامُ الشَّيْطَانِ، وَطُغَاةِ الْعُمَّالِ، وَفُسَّاقِ الشُّرَطِ، لَيْسَ أَحْكَامَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلاَ أَحْكَامَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لاَ تُتَعَدَّى حُدُودُهُ، فَإِذَا حَكَمَ بِغَرَامَةِ مَالٍ حَكَمْنَا بِهَا، وَإِذَا لَمْ يَحْكُمْ بِهَا لَمْ نَحْكُمْ بِهَا. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه الَّذِي حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِي، حَدَّثَنَا جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ " إنْ كَانَ النِّكَاحُ حَرَامًا فَالصَّدَاقُ حَرَامٌ ". وَذَكَرْنَا فِعْلَ ابْنِ عُمَرَ فِي إبْطَالِهِ صَدَاقَ الَّتِي تَزَوَّجَهَا عَبْدُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ. كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا تَزَوَّجَ عَبْدُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ جَلَدَهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ: أَبَحْت فَرْجَك وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا صَدَاقًا. وبه إلى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ قَالَ سَمِعْت الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ فِي الْحُرَّةِ الَّتِي تَتَزَوَّجُ الْعَبْدَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ: أَبَاحَتْ فَرْجَهَا، لاَ شَيْءَ لَهَا. وبه إلى مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كُلُّ فَرْجٍ لاَ يُحَلُّ فَلاَ مَهْرَ لَهُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ فُقَهَائِهِمْ فِي الَّتِي يَنْكِحُهَا الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ قَالَ: يَأْخُذُ السَّيِّدُ مِنْهَا مَا أَصْدَقَهَا غُلاَمُهُ عَجَّلَتْ قَبْلَ أَنْ تَعْلَمَ. وبه إلى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ قَالَ: فِي الَّتِي تَنْكِحُ فِي عِدَّتِهَا: مَهْرُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: سَأَلْت الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ، وَحَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ الْعَبْدِ يَتَزَوَّجُ الْحُرَّةَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلاَهُ فَقَالاَ جَمِيعًا: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلاَ صَدَاقَ لَهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهَا مَا أَخَذَتْ. وَنَحْوُ هَذَا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا. وَأَمَّا مَالِكٌ: فَإِنَّهُ فَرَّقَ هَاهُنَا فُرُوقًا لاَ تُفْهَمُ: فَمِنْهَا: نِكَاحَاتٌ هِيَ عِنْدَهُ فَاسِدَةٌ تُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتَصِحُّ بَعْدَ الدُّخُولِ. وَمِنْهَا: مَا يَفْسَخُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الدُّخُولِ أَيْضًا مَا كَانَ مِنْ قُرْبٍ فَإِذَا طَالَ بَقَاؤُهُ مَعَهَا لَمْ يَفْسَخْهُ. وَمِنْهَا: مَا يَفْسَخُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الدُّخُولِ، وَإِنْ طَالَ بَقَاؤُهُ مَعَهَا مَا لَمْ تَلِدْ لَهُ أَوْلاَدًا، فَإِنْ وَلَدَتْ لَهُ أَوْلاَدًا لَمْ يَفْسَخْهُ. وَمِنْهَا: مَا يَفْسَخُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ طَالَ بَقَاؤُهُ مَعَهَا وَوَلَدَتْ لَهُ الأَوْلاَدَ. وَهَذِهِ عَجَائِبُ لاَ يَدْرِي أَحَدٌ مِنْ أَيْنَ قَالَهَا، وَلاَ نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهَا قَبْلَهُ، وَلاَ مَعَهُ إِلاَّ مِنْ قَلَّدَهُ مَنْ الْمُنْتَمِينَ إلَيْهِ، وَلاَ يَخْلُو كُلُّ نِكَاحٍ فِي الْعَالَمِ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا أَوْ غَيْرَ صَحِيحٍ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ، فَالصَّحِيحُ صَحِيحٌ أَبَدًا إِلاَّ أَنْ يُوجِبَ فَسْخَهُ قُرْآنٌ أَوْ سُنَّةٌ، فَيُفْسَخُ بَعْدَ صِحَّتِهِ مَتَى وَقَعَتْ الْحَالُ الَّتِي جَاءَ النَّصُّ بِفَسْخِهِ مَعَهَا. وَأَمَّا الَّذِي لَيْسَ صَحِيحًا فَلاَ يَصِحُّ أَبَدًا، لأََنَّ الْفَرْجَ الْحَرَامَ لاَ يُحِلُّهُ الدُّخُولُ بِهِ وَطْؤُهُ، وَلاَ طُولُ الْبَقَاءِ عَلَى اسْتِحْلاَلِهِ بِالْبَاطِلِ، وَلاَ وِلاَدَةُ الأَوْلاَدِ مِنْهُ، بَلْ هُوَ حَرَامٌ أَبَدًا. فَإِنْ قَالُوا: لَيْسَ بِحَرَامٍ قلنا: فَلِمَ فَسَخْتُمْ الْعَقْدَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذًا وَهُوَ صَحِيحٌ غَيْرُ حَرَامٍ وَهَذِهِ أُمُورٌ لاَ نَدْرِي كَيْفَ يَنْشَرِحُ قَلْبُ مَنْ نَصَحَ نَفْسَهُ لأَعْتِقَادِهَا، أَوْ كَيْفَ يَنْطَلِقُ لِسَانُهُ بِنَصْرِهَا وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ. وَأَمَّا كُلُّ عَقْدٍ صَحَّ ثُمَّ لَمَّا صَحَّ تَعَاقَدَا شُرُوطًا فَاسِدَةً فَإِنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ لاَزِمٌ، وَإِذْ هُوَ صَحِيحٌ لاَزِمٌ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُبْطَلَ بِغَيْرِ قُرْآنٍ، أَوْ سُنَّةٍ وَمُحَرِّمُ الْحَلاَلِ كَمُحَلِّلِ الْحَرَامِ، وَلاَ فَرْقَ، لَكِنْ تَبْطُلُ تِلْكَ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ أَبَدًا وَيُفْسَخُ حُكْمُ مَنْ حَكَمَ بِإِمْضَائِهَا، وَالْحَقُّ حَقٌّ، وَالْبَاطِلُ بَاطِلٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَكُلُّ مَا جَازَ أَنْ يُتَمَلَّكَ بِالْهِبَةِ أَوْ بِالْمِيرَاثِ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُون صَدَاقًا وَأَنْ يُخَالَعَ بِهِ وَأَنْ يُؤَاجَرَ بِهِ سَوَاءٌ حَلَّ بَيْعُهُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ كَالْمَاءِ، وَالْكَلْبِ، وَالسِّنَّوْرِ، وَالثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهَا وَالسُّنْبُلِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ، لأََنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ بَيْعًا، هَذَا مَا لاَ يَشُكُّ فِيهِ ذُو حِسٍّ سَلِيمٍ. وَقَالَ بَعْضُ الْغَافِلِينَ: لاَ يَحِلُّ الصَّدَاقُ بِمَا لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهَذَا حُكْمٌ فَاسِدٌ بِلاَ برهان، لاَ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ سُنَّةٍ، وَلاَ رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلاَ قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلاَ قِيَاسٍ، وَلاَ رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ يُعْقَلُ، وَلَيْتَ شِعْرِي مَاذَا بَاعَ أَوْ مَاذَا اشْتَرَى أَرَقَبَتَهَا فَبَيْعُ الْحُرِّ لاَ يَجُوزُ أَمْ فَرْجَهَا فَهَذَا أَبْيَنُ فِي الْحَرَامِ وَهُوَ قَدْ اسْتَحَلَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَرْجَهَا الَّذِي كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ قَبْلَ النِّكَاحِ كَمَا اسْتَحَلَّتْ بِكَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَرْجَهُ الَّذِي كَانَ حَرَامًا عَلَيْهَا قَبْلَ النِّكَاحِ فَفَرْجٌ بِفَرْجٍ وَبَشَرَةٌ بِبَشَرَةٍ، وَأَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ الصَّدَاقَ لَهَا زِيَادَةً عَلَى اسْتِحْلاَلِهَا فَرْجَهُ، وَلَيْسَ الْبَيْعُ هَكَذَا إنَّمَا هُوَ جِسْمٌ يُبَادَلُ بِجِسْمٍ، أَحَدُهُمَا ثَمَنٌ وَالآخَرُ مَبِيعٌ مَثْمُونٌ لاَ زِيَادَةَ هَاهُنَا لأََحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ، فَوَضَحَ لِكُلِّ ذِي عَقْلٍ سَلِيمٍ فَسَادُ قَوْلِ مَنْ شَبَّهَ النِّكَاحَ بِالْبَيْعِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْبَيْعَ بِغَيْرِ ذِكْرِ ثَمَنٍ لاَ يَحِلُّ وَالنِّكَاحُ بِغَيْرِ ذِكْرِ صَدَاقٍ حَلاَلٌ صَحِيحٌ، وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ يَمْنَعُونَ النِّكَاحَ بِصَدَاقِ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهَا قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ ثُمَّ أَجَازُوا النِّكَاحَ بِوَصِيفٍ وَبَيْتٍ وَخَادِمٍ، وَهَكَذَا غَيْرُ مَوْصُوفٍ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلاَ يَحِلُّ عِنْدَهُمْ بَيْعُ وَصَيْفٍ، وَلاَ بَيْعُ بَيْتٍ، وَلاَ بَيْعُ خَادِمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلاَ مَوْصُوفٍ وَهَذَا كَمَا تَرَى وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ التَّهَوُّكِ فِي الْخَطَأِ فِي الدِّينِ. وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا كُلُّ مَا لَهُ نِصْفٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَلَوْ أَنَّهُ حَبَّةُ بُرٍّ أَوْ حَبَّةُ شَعِيرٍ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ عَمَلٍ حَلاَلٍ مَوْصُوفٍ، كَتَعْلِيمِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ مِنْ الْعِلْمِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ الْخِيَاطَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إذَا تَرَاضَيَا بِذَلِكَ وَوَرَدَ فِي هَذَا اخْتِلاَفٌ. كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ دَاوُد بْنِ يَزِيدَ الأَوْدِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: لاَ يَكُونُ صَدَاقٌ أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةٍ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ حَسَنٍ صَاحِبٍ لَهُ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ دَاوُد بْنِ يَزِيدَ الأَوْدِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: لاَ يَكُونُ الْمَهْرُ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ: وبه إلى حَسَنٍ الْمَذْكُورِ أَخْبَرَنِي الْمُغِيرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: " أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ مِثْلَ أَجْرِ الْبَغِيِّ، وَلَكِنْ الْعَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَالْعِشْرُونَ ". وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ رِوَايَتَانِ غَيْرُ هَذِهِ صَحِيحَتَانِ: إحْدَاهُمَا: رُوِّينَاهَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: لاَ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ. وَالْأُخْرَى: رُوِّينَاهَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ نَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: السُّنَّةُ فِي النِّكَاحِ الرَّطْلُ مِنْ الْفِضَّةِ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْكُوفِيِّ قَالَ: سَمِعْت الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَوَاقٍ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا حُسَامُ بْنُ الْمِصَكِّ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا. قال أبو محمد: أَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ الشَّعْبِيِّ فَسَاقِطَةٌ، لأََنَّهَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْكُوفِيِّ، وَلاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ وَلَوْ صَحَّتْ لَكَانَتْ هِيَ وَالرِّوَايَتَانِ عَنْ إبْرَاهِيمَ فِي الأَرْبَعِينَ: إمَّا دِرْهَمًا، وَأَمَّا أُوقِيَّةً، وَأَمَّا دِينَارًا. وَالرِّوَايَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَوْلٌ بِلاَ برهان، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ. وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ بِالْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَسَاقِطَةٌ؛ لأََنَّهَا عَنْ حَسَنٍ صَاحِبِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَلاَ يَدْرِي أَحَدٌ مَنْ هُوَ. وَالرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه بَاطِلٌ، لأََنَّهَا عَنْ دَاوُد بْنِ يَزِيدَ الأَوْدِيِّ وَهُوَ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ، كَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ: إذَا رَأَى اخْتِلاَطَهُ لاَ تَمُوتُ حَتَّى تَكُونَ فِي رَأْسِك ثَلاَثُ كَيَّاتٍ، قَالَ الرَّاوِي: فَمَا مَاتَ حَتَّى كُوِيَ فِي رَأْسِهِ ثَلاَثَ كَيَّاتٍ. ثُمَّ هِيَ مُرْسَلَةٌ، لأََنَّ الشَّعْبِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلِيٍّ قَطُّ حَدِيثًا. وَاحْتَجُّوا لِقَوْلِهِمْ هَذَا الْفَاسِدِ بِخَبَرَيْنِ مَوْضُوعَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَنْ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِي جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ صَدَاقَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ. وَالآخَرُ عَنْ بَقِيَّةَ عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَلَبِيِّ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَطَاءٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ مَهْرَ دُونَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ. وَقَالُوا: النِّكَاحُ اسْتِبَاحَةُ فَرْجٍ وَهُوَ عُضْوٌ مِنْهَا فَوَجَبَ أَنْ لاَ يَجُوزَ إِلاَّ بِمَا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ وَقَدْ احْتَجَّ الْمَالِكِيُّونَ بِهَذِهِ التَّشْعِيبَةِ السَّاقِطَةِ أَيْضًا. قال أبو محمد: لاَ حُجَّةَ لَهُمْ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا، وَالْحَدِيثَانِ الْمَذْكُورَانِ مَكْذُوبَانِ بِلاَ شَكٍّ أَحَدُهُمَا: مِنْ طَرِيقِ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ وَهُوَ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ لاَ تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ وَالآخَرُ: مِنْ طَرِيقِ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَلَبِيِّ وَهُوَ كَذَّابٌ مَشْهُورٌ بِوَضْعِ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَهُوَ سَاقِطٌ وَلَوْ صَحَّ لَكَانُوا قَدْ خَالَفُوهُ، لأََنَّهُمْ يُجِيزُونَ النِّكَاحَ عَلَى دِينَارٍ لاَ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ. فَبَطَلَ كُلُّ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّهُ قِيَاسٌ عَلَى قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ فَهُوَ أَسْخَفُ قِيَاسٍ فِي الْعَالَمِ، لأََنَّهُ لاَ شَبَهَ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالسَّرِقَةِ وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْيَدَ تُقْطَعُ أَلْبَتَّةَ وَالْفَرْجَ لاَ يُقْطَعُ، وَالنِّكَاحَ طَاعَةٌ، وَالسَّرِقَةَ مَعْصِيَةٌ، وَلَوْ قَاسُوا إبَاحَةَ الْفَرْجِ عَلَى إبَاحَةِ الظَّهْرِ فِي حَدِّ الْخَمْرِ، لَكَانَ أَدْخَلَ فِي مَخَازِي الْقِيَاسِ وَسَخَافَاتِهِ؛ لأََنَّ كِلَيْهِمَا عُضْوٌ مَسْتُورٌ لاَ يُقْطَعُ، وَقَبْلُ وَبَعْدُ فَمَا صَحَّ قَطُّ أَنْ لاَ قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فَهُوَ بَاطِلٌ مُتَيَقَّنٌ عَلَى بَاطِلٍ، وَخَطَأٌ مُشَبَّهٌ بِخَطَأٍ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ الْفَاسِدُ. وقال مالك: لاَ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ دَرَاهِمَ، وَقَاسُوهُ عَلَى قَطْعِ الْيَدِ، وَقَدْ مَضَى الْكَلاَمُ فِي سُقُوطِ هَذَا الْقَوْلِ آنِفًا. وَمَا جَاءَ نَصٌّ قَطُّ بِأَنْ لاَ قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ دَرَاهِمَ، إنَّمَا صَحَّ النَّصُّ لاَ قَطْعَ إِلاَّ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا، وَهُمْ لاَ يُرَاعُونَ فِي الْقَطْعِ، وَلاَ فِي الصَّدَاقِ رُبْعَ دِينَارٍ فِي الْقِيمَةِ أَصْلاً، فَلاَحَ بُطْلاَنُ كُلِّ مَا قَالُوهُ بِيَقِينٍ لاَ إشْكَالَ فِيهِ. وَمَوَّهَ الْمَالِكِيُّونَ أَيْضًا بِأَنْ قَالُوا: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قال أبو محمد: لاَ نَدْرِي عَلَى مَا نَحْمِلُ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ قَائِلِهِ، إِلاَّ أَنَّنَا لاَ نَشُكُّ فِي أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْهُ فِيهِ مِنْ الْوَرَعِ [ قَلِيلٌ ] وَتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى حَاضِرٌ، لأََنَّهُمْ لاَ يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقُ الأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْحُرَّةِ، فَكَيْفَ يُفَرَّقُونَ بَعْدَ هَذَا بَيْنَ وُجُودِ الطَّوْلِ لِنِكَاحِ حُرَّةٍ، وَبَيْنَ وُجُودِ الطَّوْلِ لِنِكَاحِ أَمَةٍ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ التَّمْوِيهِ فِي دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا نَدْرِي أَنَّهُ بَاطِلٌ قَاصِدِينَ إلَيْهِ عَمْدًا. وقال بعضهم: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَلاَ تَكُونُ الْمُتْعَةُ فِي الطَّلاَقِ إِلاَّ مَحْدُودَةً. قلنا: لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَحُدَّ فِي الصَّدَاقِ حَدًّا إِلاَّ مَا تَرَاضَيَا بِهِ، وَحَدَّ فِي الْمُتْعَةِ فِي الطَّلاَقِ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الأَمْرَيْنِ أَوْضَحُ مِنْ الشَّمْسِ عِنْدَ مَنْ لاَ يَتَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى. وأعجب شَيْءٍ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَظَّمَ أَمْرَ الصَّدَاقِ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَلِيلاً . قلنا: هَذَا الْعَجَبُ حَقًّا إنَّمَا عَظَّمَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَ الصَّدَاقِ فِي إيجَابِ أَدَائِهِ، وَتَحْرِيمِ أَخْذِهِ بِغَيْرِ رِضَاهَا، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي كُلِّ حَقٍّ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قال أبو محمد: فَإِذْ قَدْ ظَهَرَ بُطْلاَنُ أَقْوَالِهِمْ لاَ سِيَّمَا قَوْلُ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ لاَ نَعْرِفُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَهُ. وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ لَمْ يَصِحَّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَهُ، فَلْنُورِدْ الْبُرْهَانَ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقَالَ تَعَالَى: وَقَالَ تَعَالَى: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ :، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ فَقَامَ الرَّجُلُ فَقَالَ: زَوِّجْنِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ قَالَ: هَلْ عِنْدَك شَيْءٌ تُصْدِقُهَا قَالَ: مَا عِنْدِي إِلاَّ إزَارِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنْ أَعْطَيْتهَا إيَّاهُ جَلَسْت لاَ إزَارَ لَكَ فَالْتَمِسْ شَيْئًا قَالَ: مَا أَجِدُ شَيْئًا، قَالَ: الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَقَالَ: أَمَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ قَالَ: نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا، قَالَ: قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ. وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ تَزَوَّجْ وَلَوْ بِخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ فَاصْنَعْ فِي مَا شِئْتَ فَقَالَ لَهُ شَابٌّ عِنْدَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا قَالَ: أَوَعِنْدَكَ شَيْءٌ تُعْطِيهَا إيَّاهُ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ، قَالَ: فَانْطَلِقْ فَاطْلُبْ فَلَعَلَّكَ تَجِدُ شَيْئًا، وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ: مَا وَجَدْتُ شَيْئًا إِلاَّ إزَارِي هَذَا، قَالَ: إزَارُكَ هَذَا إنْ أَعْطَيْتَهَا إيَّاهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْك شَيْءٌ، قَالَ: أَتَقْرَأُ أُمَّ الْقُرْآنِ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَانْطَلِقْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا فَعَلِّمْهَا مِنْ الْقُرْآنِ. حَدَّثَنَا حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاجِيَّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ هُوَ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَ رَجُلاً مِنْ امْرَأَةٍ عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهَا سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ. قال أبو محمد: وَالْحَدِيثُ مَشْهُورٌ وَمَنْقُولٌ نَقْلَ التَّوَاتُرِ مِنْ طَرِيقِ الثِّقَاتِ: رُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِي، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَمَعْمَرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ، وَفُضَيْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِمْ، كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قال أبو محمد: فَاعْتَرَضَ مَنْ لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلاَ اسْتَحْيَا مِنْ الْكَذِبِ فِي هَذَا فَقَالَ: إنَّمَا كَلَّفَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ مُزَيَّنًا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ فِضَّةٍ، أَوْ ثَلاَثَةَ دَرَاهِمَ مِنْ فِضَّةٍ خَالِصَةٍ فَقَوْلٌ يُضْحِكُ الثَّكْلَى وَيُسِيءُ الظَّنَّ بِقَائِلِهِ؛ لأََنَّهَا مُجَاهَرَةٌ بِمَا لَمْ يَكُنْ قَطُّ، وَلاَ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَطُّ فِي الْعَالَمِ أَنْ تَكُونَ حَلْقَةً مِنْ حَدِيدٍ وَزْنُهَا دِرْهَمَانِ تُسَاوِي مَا ذَكَرُوا، وَلاَ سِيَّمَا فِي الْمَدِينَةِ " وَقَدْ عَلِمَ كُلُّ ذِي حَظٍّ مِنْ التَّمْيِيزِ أَنَّ مُرُورَهُمْ وَمَسَاحِيَهُمْ لِحَفِيرِ الأَرْضِ، وَشَوَافِرَهُمْ وَفُؤُوسَهُمْ لِقَطْعِ الْحَطَبِ، وَمَنَاجِلَهُمْ لِعَمَلِ النَّخْلِ، وَحَصَادِ الزَّرْعِ، وَسِكَكَهُمْ لِلْحَرْثِ، وَمَزَابِرَهُمْ لِلزَّرْجُونِ، وَدُرُوعَهُمْ وَرِمَاحَهُمْ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ حَدِيدٍ فَمِنْ أَيْنَ اسْتَحَلُّوا أَنْ يُخْبِرُوا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْكِذْبَةِ السَّخِيفَةِ وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ. وَإِنَّ مَنْ لَجَأَ إلَى الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ فِي نَصْرِ بَاطِلِهِ، لَقَدْ يَدُلُّ فِعْلُهُ هَذَا عَلَى صِفَاتِ سُوءٍ فِي الدِّينِ، وَالْحَيَاءِ وَالْعَقْلِ. وَاعْتَرَضُوا عَلَى أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ بِخَبَرٍ: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي سَلاَمٍ عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ الأَنْصَارِيِّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَلاَ تَغْلُوا فِيهِ، وَلاَ تَجْفُوَا عَنْهُ، وَلاَ تَأْكُلُوا بِهِ، وَلاَ تَسْتَكْثِرُوا بِهِ. وَبِالْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ عَلَّمَ رَجُلاً الْقُرْآنَ فَأَهْدَى إلَيْهِ فَرَسًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَ اللَّهَ فِي عُنُقِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَارٌ. وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ إنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُطَوَّقَ طَوْقًا مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا وَفِي بَعْضِهَا جَمْرَةً بَيْنَ كَتِفَيْكَ تُقَلَّدُ بِهَا أَوْ تُعَلِّقُهَا. قال أبو محمد: وَهَذِهِ آثَارٌ وَاهِيَةٌ لاَ تَصِحُّ: أَمَّا حَدِيثُ لاَ تَأْكُلُوا بِهِ فَرِوَايَةُ أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ وَهُوَ مَجْهُولٌ. ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ بِهِ حُجَّةٌ، لأََنَّ الأَكْلَ أَكَلاَنِ: أَكْلٌ بِحَقٍّ، وَأَكْلٌ بِبَاطِلٍ، فَالأَكْلُ بِحَقٍّ حَسَنٌ، وَقَدْ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ إلَى الْمَدِينَةِ كَمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَغَيْرِهِ يُعَلِّمُونَ الأَنْصَارَ الْقُرْآنَ وَالدِّينَ، وَيُنْفِقُ الأَنْصَارُ عَلَيْهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَمَّا حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: فَإِنَّ أَحَدَ طُرُقِهِ فِي رِوَايَتِهِ الأَسْوَدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ وَهُوَ مَجْهُولٌ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ. وَالْأُخْرَى: مِنْ طَرِيقِ أَبِي زَيْدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلاَءِ وَهُوَ مَجْهُولٌ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ. وَالثَّالِثَةُ: مِنْ طَرِيقِ بَقِيَّةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَسَقَطَتْ كُلُّهَا. وَالصَّحِيحُ مِنْ ذَلِكَ ضِدُّ هَذَا، وَهُوَ: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حَدَّثَنَا سَيْدَانُ بْنُ مُضَارِبٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْبَرَاءُ هُوَ يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الأَخْنَسِ أَبُو مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ آخُذُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ رَقَى مَجْنُونًا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَأَعْطَاهُ أَهْلُهُ شَيْئًا، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلْ، فَلَعَمْرِي مَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ، لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ. فَصَحَّ أَنَّ الأَكْلَ بِالْقُرْآنِ فِي الْحَقِّ وَفِي تَعْلِيمِهِ حَقٌّ، وَأَنَّ الْحَرَامَ إنَّمَا هُوَ أَنْ يَأْكُلَ بِهِ رِيَاءً، أَوْ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَمَوَّهُوا بِالْخَبَرِ السَّاقِطِ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَرْفَجَةَ الْفَاشِيُّ عَنْ أَبِي النُّعْمَانَ الأَزْدِيُّ قَالَ: زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً عَلَى سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ قَالَ: لاَ يَكُونُ لأََحَدٍ بَعْدَكَ مَهْرًا. فَهَذَا خَبَرٌ مَوْضُوعٌ، فِيهِ ثَلاَثُ عُيُوبٍ: أَوَّلُهَا أَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَلاَ حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ، إذْ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ. وَالثَّانِي أَنَّ أَبَا عَرْفَجَةَ الْفَاشِيَّ مَجْهُولٌ لاَ يَدْرِي أَحَدٌ مَنْ هُوَ. وَالثَّالِثُ أَنَّ أَبَا النُّعْمَانَ الأَزْدِيُّ مَجْهُولٌ أَيْضًا لاَ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ. وَمَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِالْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ: أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ تَزَوَّجَ أُمَّ سُلَيْمٍ رضي الله عنهما عَلَى أَنْ يُسْلِمَ، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا مَهْرٌ غَيْرُهُ، وَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُدَّةٍ، لأََنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَدِيمُ الإِسْلاَمِ، مِنْ أَوَّلِ الأَنْصَارِ إسْلاَمًا، وَلَمْ يَكُنْ نَزَلَ إيجَابُ إيتَاءِ النِّسَاءِ صَدُقَاتِهِنَّ بِهِ. الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ ذَلِكَ. وقال بعضهم: هَذَا خَاصٌّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قال أبو محمد: وَهَذَا كَذِبٌ برهان ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وقال بعضهم: أَرَأَيْت إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ . فَقُلْنَا: إنْ كَانَ قَدْ عَلَّمَهَا السُّورَةَ الَّتِي أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهَا فَقَدْ اسْتَوْفَتْ صَدَاقَهَا، وَلاَ سَبِيلَ لَهَا إلَيْهِ، لأََنَّهُ عَرَضٌ قَدْ انْقَضَى وَإِنْ كَانَ لَمْ يُعَلِّمْهَا إيَّاهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعَلِّمَهَا نِصْفَهَا فَقَطْ، وَهَذَا لاَ يُحَرَّمُ عَلَى أَحَدٍ يَعْنِي تَعْلِيمَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَقَدْ كَلَّمَ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ النَّاسَ. قال أبو محمد: وَقَالَ بِقَوْلِنَا طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَوْ رَضِيَتْ بِسِوَاكٍ مِنْ أَرَاكٍ لَكَانَ مَهْرًا. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: " لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِقَلِيلِ مَالِهِ أَوْ كَثِيرِهِ إذَا اسْتَشْهَدُوا وَتَرَاضَوْا ". وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ صَالِحِ بْنِ رُومَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " مَنْ أَعْطَى فِي صَدَاقِ امْرَأَةٍ مِلْءَ حَفْنَةٍ مِنْ سَوِيقٍ أَوْ تَمْرٍ فَقَدْ اسْتَحَلَّ ". وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمْ سُقْتَ إلَيْهَا قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: فَأَخْبَرَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: وَذَلِكَ دَانِقَانِ مِنْ ذَهَبٍ. قال أبو محمد: الدَّانِقُ: سُدْسُ الدِّرْهَمِ الطَّبَرِيِّ وَهُوَ الأَنْدَلُسِيُّ فَالدَّانِقَانِ وَزْنُ ثُلُثِ دِرْهَمٍ أَنْدَلُسِيٍّ، وَهُوَ سُدْسُ الْمِثْقَالِ مِنْ الذَّهَبِ. وَهَذَا خَبَرٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ. فإن قيل: فَقَدْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، هُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ فِي النَّوَاةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهَا قُوِّمَتْ بِثَلاَثِ دَرَاهِمَ قلنا: حَجَّاجٌ سَاقِطٌ، وَلاَ يُعَارَضُ بِرِوَايَتِهِ رِوَايَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ :، أَنَّهُ قَالَ فِي الصَّدَاقِ: أَدْنَى مَا يَكْفِي: خَاتَمُهُ، أَوْ ثَوْبٌ يُرْسِلُهُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ: أَدْنَى الصَّدَاقِ مَا تَرَاضَوْا بِهِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ قَالَ: سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: لَوْ أَصْدَقَهَا سَوْطًا حَلَّتْ لَهُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي دَاوُد عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَتَهُ ابْنَ أَخِيهِ، فَقِيلَ لَهُ: أَصْدَقَ فَقَالَ: دِرْهَمَيْنِ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الصَّدَاقِ: هُوَ عَلَى مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، وَلاَ يُؤَقِّتُ شَيْئًا. قَالَ سَعِيدٌ :، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الطَّحَّانُ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: مَا تَرَاضَوْا بِهِ عَلَيْهِ فَهُوَ صَدَاقٌ. وَمِنْ طَرِيقِ سَحْنُونَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: يُحِلُّ الْمَرْأَةَ مَا رَضِيَتْ بِهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنِ قُسَيْطٍ، وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ يَجُوزُ مِنْ الصَّدَاقِ دِرْهَمٌ. قال أبو محمد: وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَابْنِ وَهْبٍ صَاحِبِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ، وَجُمْلَةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مِمَّنْ سَلَفَ وَخَلَفَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
|